القائمة الرئيسية

الصفحات

أنا حزين مبتلى- نظرة من زاوية أخرى

 أنا حزين مبتلى- نظرة من زاوية أخرى ، قصة مبسطة عن حسن الظن بالله، النظر من زاوية أخرى هي حسن الظن بالله.

 

im-sad-another-perspective


لا يوجد في الدنيا إنسان تخلو حياته من المصائب أو الابتلاءات، هذه الابتلاءات غالباً ما تكون عقوبة من الله سبحانه وتعالى إذ يمكن أن يكون قد رأى غفلة من عبده أو جفافا في العاطفة تجاهه فيبتلي العبد ليراجع نفسه فيستحي، فيحب ويعود إلى ربه. 

عند الحزن والابتلاء يجب النظر إلى هذا البلاء بإيجابية كذلك يجب حسن الظن بالله والتفكير من زاوية جديدة سنتعرف عليها في مقالنا هذا.

قصة مبسطة عن حسن الظن بالله:


لنتعرف سويا على هذه القصة التي تظهر لنا زاوية جديدة وتشجعنا على حسن الظن بالله.


أبو غسان هو والد حنون لاحظ مؤخراً فتوراً في مشاعر ولديه تجاهه، فغسان ورامي أصبحا يأتيان كل صباح إلى غرفة أبيهما ويمدان يدهما قائلين: المصروف يا أبي لو سمحت بشكل روتيني رتيب، فيقوم أبو غسان بإعطائهما المصروف ليشكراه على عجل وينطلقا من البيت.

أراد أبو غسان في يوم أن يذكر ولديه أن علاقته بهما ليست علاقة مصروف فحسب، وعندما جاء الولدان هذه المرة لأخذ المصروف قال لهما أبو غسان بلهجة تنبض بالحب الصادق: "أحبكما يا ولديَ" تمنى أبو غسان في تلك اللحظة أن تلتقي عيناه في عيني ولديه فيقرأ فيهما البهجة والاعتزاز بما قاله، كان يريد أي مؤشر على أن ولداه يحبانه لذاته لا للمصروف الذي يأخذانه.

كان رد فعل الولدين مخيباً لآمال أبو غسان فما كان منهما إلا أن هزا رأسيهما في شرود قائلين " ونحن كذلك يا أبي" وعيناهما مثبتة على الجيب الذي فيه المصروف، عندها انقلبت ابتسامة الأب ذهولا وقام بإخراج يده من الجيب دون المحفظة.

 

انتبه الولدان لما حصل كما أدركا عدم لباقتهما في الاستجابة لكلمات أبيهما الرقيقة، فقبضا يديهما و أنزلاها ليتداركا الموقف، قال رامي "أبي أنا آسف، طبعا أنا أحبك فأنت من رعاني وأنفق علي فلا غنى لي عنك".

كان رامي يقول هذه الكلمات و ذهنه في المصروف يتوقع أن يمد والده يده في جيبه  فيعطيه مصروفه، لكن أبو غسان لم يفعل بل بقي صامتا، فأضاف رامي "أبي أرجوك! أنا أحتاج المصروف. أعدك أن أكون أكثر لباقة فلا تحرمني من المصروف" لم يتجاوب الأب فتضايق رامي وخرج من الغرفة.

أما غسان فقد هز الموقف كيانه فهو يحب أباه بالفعل لكن قلبه كان قد ذهل عن هذه المحبة بتعلقه بالمصروف، أيقظت ملامح الأب الذابلة العابسة مشاعر غسان فأدرك كما كان مقصرا مع أبيه في الفترة الأخيرة.

اغرورقت عينا غسان بالدموع و أخذ يستسمح أبيه قائلاً "آسف يا أبي الحبيب، سامحني أرجوك، فالدنيا كلها لا تساوي ابتسامتك". لكن الأب بقي عابساً صامتاً و خرج من غرفته ليجلس على الأريكة.

لحقه غسان و هو يتحرك حوله كالقط فتارة يقبل يديه وتارة يقبل رأسه بينما دموعه تنهمر على خديه قائلا "سامحني يا أبي أرجوك، أنا أحبك" لكن أبو غسان انسحب إلى غرفته و أغلق الباب خلفه.

شعر غسان بالضياع فلحق والده منادياً أبي أرجوك لا أطيق الحياة دون رضاك، لقد أخطأت يا أبي لكني أحبك " حينئذٍ انهار سد الجفاء في صدر أبو غسان ففتح الباب وضمه إلى صدره بحنان.

مد الأب يده إلى محفظته ليستخرج مصروف غسان لكن غسان قال له دعنا الآن من المصروف، أنا أريدك أنت يا أبي الحبيب ما دمت راضياً عني فالدنيا كلها تهون.

في النهاية قد عاد المصروف إلى الاثنين لكن رامي فقير الشعور سيخرج من البلاء كما دخل فيه لم يستفد شيئا، بينما بالنسبة لغسان كانت المحنة أكبر منحة له فقد أطلقت روحه من قيد الغفلة لتدور في فلك المحبة وحسن الظن بالله من جديد.


النظر من زاوية أخرى هي حسن الظن بالله: 


قد يعلم الله تعالى من عباده تعلقاً زائداً بنعم الدنيا الفانية التي يمنحهم إياها مما يلهيهم عن عبادته ويسبب جفافا في العاطفة تجاهه، فيتودد إلى عباده في هذه الحالة بالابتلاء إذ يقطع عنهم نعمة من النعم ليهز كيانهم أو يوقظهم من غفلتهم لينتبهوا إلى حقيقة أن النعمة قد ألهتهم عن المنعم.


يجب أن يفهم الشخص المؤمن هذه الأبعاد كما يجب حسن الظن بالله فلا يبدأ باستغفار الله والدعاء ليحل عنه البلاء فقط، أي لا يجب أن يكون قصير النظر وفقير المشاعر نيته فقط رفع البلاء عنه، بل يجب أن يكون البلاء سبباً ليرفع عن عينيه الغشاوة فيبصر المصيبة الحقيقية أنه قصر في حق الله تعالى وغفل عنه.


في الختام لا بد من الإشارة إلى أن تفكير الإنسان المؤمن دائماً ما يميل إلى حسن الظن بالله حين يبتلى أو يحزن فكل ما يمكن أن يسيطر على كيانه هو كيف يسترضي الله تعالى ويبرهن له على أنه يبادله الود وداً أما رفع البلاء فيصبح قضية ثانوية لأنه قد يعيش ولو بصعوبة في بلائه لكنه لا يطيق لحظة من الضياع الذي سيعانيه إذا فقد معية الله تعالى أو شعر أن الله لا يحبه.


المصدر:فن حسن الظن بالله ٩: الله يتودد إلينا بالبلاء - د. إياد قنيبي

مقال سيعجبك : هل زوال دولة إسرائيل عام 2022 نبوءة قرآنية؟

مقال مميز : هل غير المسلمين كلهم في النار؟


reaction:

تعليقات